يغيب عني الزمان وأغيب عنه ..
وتدور بي دوائر المكان محبطاً دون أن أدرك لماذا ..
تلسعني ذكريات تعري كبريائي وتجعلني أداعب دموعي المنهمرة قسراً..
احبسها .. ادفعها لكن الزفرات المترافقة تفضحني ..
تبدو لحظاتي كطلاسم عصية على الحل .. غريبة على إدراكي ..
ولا أجد نفسي إلا خامداً ألجأ فيما بعد لابتسامة غبية مرسومة عنوة على شفتين ترتعشان ..
يمر من أمامي طيف متداخل أمد يدي اليه احسبه دخان سيجارتي المنسية ..
ولكن لا أغترف من تلك اللحظة سوى المزيد من الدهشة المدوية والمكبوتة في آن ..
تائه أنا في اللحظة التي تسحبني الموسيقا الكردية الحزينة إلى عمر مضى ..
تمر بي السنين كأنها برهة وتتداخل الشخوص وتتفاعل الأزمنة والجغرافية القديمة ..
وأجد المسافات الطويلة بين أماكني ذائبة لتختلط شوارع القامشلي الطينية بحدائق الحب الدمشقية
وأجدني أدخل مكتبة الكلية بجزمة مطاطية طويلة لأصافح جدي الملتحي ذو القامة المهيبة وهو يؤذن في جامع حارة طي ..
وأرى قلم الرصاص يخط أجوبتي على أسئلة الامتحان الجامعي ؟؟
وبجانبي معلمي في الابتدائية يرفع عصاه لأنطلق في ركضي أسابق الحصادة التي تقتلع السنابل وتهرسها شمال عامودة
وألمح أكياس القمح تمتلئ بالقبلات لنفترش أنا ورفاقي أحلامنا بالقرب من نهر كان يفيض فأغلقه الزمان ..
لا يقف الشريط أبداً .. وأرى فيه كل شيء .. دون ترتيب ..
إنما أنا أوقفه قسراً .. ألتفت في كل المكان .. أغمض عينيّ وأفتح كل مداركي .. أرى نفسي في المكان عينه .. حيث تغير كل شيء ..
كل شيء بارد .. كل اللحظات ثقيلة ..
كل من حولي من بشر شخوص باردة في مسرحية لا تسرني ..
أتوق للرجوع فأنا جائع لزمن كانت فيه المرارة أشهى من حلو هذا الزمان ..
لبرهة أحسبني سأمد يدي إلى أطراف الليل لالتحف به فعسى أن يقف بي الزمان حيث أنا ..
لكني أدرك أخيراً أن الصباح الذي سيشرق سيبعدني أكثر عن ملاذي القديم
ويقربني أكثر من لحظة استلم فيها كتابي لأعيش للأبد في اللامكان واللازمان ..
وتزداد خشيتي ..
هل سأكون في حضن أمي للأبد أم ستجلدني سياط ما قد فعلت في الزمان والمكان
معا تحياتى محمدحسن دعادر