يستعد المسلمون في شتَّى بقاع الأرض لاستقبال هدية الرحمن لعباده الطائعين العابدين، وهي "شهر رمضان المبارك" الذي تتشوق نفوس الجميع لحسن استقباله، والاحتفال به؛ للفوز بعطاياه ومنحه الربانية المتعددة، وهي تترا.
والشيء العجيب أنك ترى الناس بمختلف طوائفهم وأعمارهم وأجناسهم تنتظر وصول ذلك الشهر بشغفٍ حار وبشوق شديد وحنين كبير، ولعلَّ هذا من عجائب وأسرار شهر رمضان الحبيب.. ولما لا وهو الشهر الذي تصفَّد فيه الشياطين والجان، وتفتح فيه أبواب الجنان، وينادي فيه منادٍ من قبل الرحمن: أن يا باغي الخير أقبل.. ويا باغي الشر أقصر، وهو الشهر الذي من تقرَّب فيه إلى الله بخصلة من خصال الخير كان كمن أدَّى فريضةً فيما سواه، ومن أدَّى فيه فريضةً كان كمن أدَّى سبعين فريضةً فيما سواه.
فهنيئًا هنيئًا لمَن استعد من الآن لاستقبال ذلك الشهر، بما يليق به ولمن وطَّد نفسه وقلبه لحسن التعرُّض لنفحات الله وفيوضاته التي لا تعد ولا تحصى، وذلك من أول ليلة فيه حتى انتهائه وتوديعه بليلة القدر، وهي ليلة السعداء الفائزين.
وهيا بنا من الآن نضع لأنفسنا بعض الأعمال والقربات والتي نتمنَّى من الله أن يعيننا فيه على القيام بها مع طلب الأجر والمثوبة، وليكن شعارنا جميعًا فيه "فأروا الله فيه من أنفسكم خيرًا".
أولاً: على المستوى الشخصي
1- معايشة القرآن الكريم تلاوة وتدبرًا، وفهمًا في شهر رمضان، وليكن لك ختمة تدبُّر في رمضان @831;شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ@830; (البقرة: من الآية 185)، @831;إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ..@830; (الإسراء: من الآية 9).
2- الحرص على تكبيرة الإحرام والسنن القبلية والبعدية في المسجد طوال رمضان @831;ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)@830; (الحج) ".. ولا يزال عبدي يتقرَّب إليّ بالنوافل حتى أحبه..".
3- الحرص على الدعاء عند الإفطار لمن تحب ولدعوتك ولإخواننا في غزة، وأن ينصر الله الإسلام والمسلمين، "للصائم دعوة لا ترد".
4- المكث في المسجد بعد صلاة الفجر في تلاوة وذكر واستغفار حتى صلاة الضحى- ولو مرتين في الأسبوع- لتفوز بأجر عمرة وحجة تامة تامة تامة.
5- الترتيب من الآن لاعتكاف العشر الأواخر أو الليالي الفردية، "مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه"
ثانيًا: على المستوى العائلي:
1- احرص على أن تجمع الأولاد والأهل على مائدة القرآن والذكر يوميًّا في رمضان، @831;فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)@830; (البقرة).
2- خاطرة يومية عند الإفطار لأحد أفراد الأسرة حول معنى من معاني رمضان.
3- الحرص على صلة الرحم بزيارة القريب والاتصال بالبعيد مع غرس تلك القيمة في الأولاد @831;وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ@830; (النساء: من الآية 2).
4- التواصل مع الجيران بالزيارة أو التهادي بشيء من هدايا رمضان الحبيب "تهادوا تحابوا".
5- دعوة أفراد العائلة والأرحام إلى الإفطار في رمضان مع عدم التكلُّف لهم.
ثالثا: على مستوى الأبناء
1- تشجيع الأبناء للمكث في المسجد في رمضان مع إحياء دوره المفقود.
2- دفع الأبناء إلى المشاركة في أعمال البر والخير في رمضان.
3- مصاحبة الأولاد للوالدين في صلاة القيام والتهجد في رمضان، "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".
4- تقليل أوقات جلوس الأبناء أمام الكمبيوتر والتليفزيون في رمضان للاستزادة من أعمال الطاعة والعبادات.
5- إحياء مشروعي الدعوة الفردية والربط العام في رمضان بدعوة الأبناء لزملائهم وزميلاتهم لإحياء قيم رمضان مع متابعاتهم في ذلك، "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من الدنيا وما عليها".
أخي الحبيب:
بادر من الآن.. فرمضان سيأتي قريبًا، وسيغادر سريعًا.. وهكذا ينقضي العمر.. فطوبى لمن أحسن الاستعداد له، وفاز بالأجر فيه فلو يعلم الناس ما في رمضان من الخير لتمنوا أن يكون العام كله رمضان.